توتي” تقاوم البحر والحرب معاً : المليشيا تغتال 80 مواطناً والجزيرة تعاني وضعاً مأساوياً بنقص الغذاء والدواء وبقية مقومات الحياة ….
في أكتوبر من العام 2015 م إختار برنامج الأمم المتحدة للحد من أخطار الكوارث ، جزيرة توتي الوقعة عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض وتتوسط مدن العاصمة الثلاث (بحري وأم درمان والخرطوم ) ضمن أفضل 10 مناطق على مستوى العالم في إستخدام المهارات التقليدية والثقافة المحلية للحد من أخطار الفيضانات .
وحصلت في التصنيف علي الرقم 8 كونها محاطة بالمزارع في مساحة تقارب ال 5 ألف فدان ، وملهمة للشعراء والتشكيلين وصناع الفنون الأخرى .
وتعد جزيرة توتي أحد أهم مناطق جذب السياح في ولاية الخرطوم بموقعها المميز
وبخضرتها الدائمة ومناظرها الطبيعية الخلابة .
وظل سكان الجزيرة يقاومون فيضان النيل الأزرق سنوياً ، حتي أصبحوا نموذجاً لمقاومة (البحر) بالوسائل التقليدية المحلية ، وإستخدموا فيها كامل العبقرية السودانية وأحاطوها بسياج من جوالات الخيش المحشوة بالرمل ، وهزموا بذلك أعتي أمواج الفيضانات ، وأفاضوا هم على الشعب أجمل أغنيات الفراسة والنفير علي غرار أغنية (عجبوني الليلة جو .. ترسوا البحر صددو) التي يؤديها إبن الجزيرة الفنان الراحل حمد الريح .
وبمثل ما إنتصر أهل توتي علي النيل بالنفير والمقاومة الشعبية فإنها ستنتصر علي الحرب بالمقاومة أيضاً فقد إتخذت قوات الدعم السريع من الموقع المتميز للجزيرة مخبأ للسلاح وثكنات عسكرية تطلق منها مدافعها يومياً قصفاً وترويعاً للسكان داخل الجزيرة وخارجها ، وساعدهم في إحكام السيطرة والحصار عليها الكوبري الوحيد الرابط بين توتي والخرطوم والذي يمثل المدخل والمخرج الوحيد .
ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها موقع “المحقق” الإخباري ، فقد إستشهد نحو 80 مواطناُ من الشباب والنساء والأطفال وكبار السن إما نتيجة تعرضهم للقصف أو لعدم توفر العلاجات أو تحت تأثير الخطف والاخفاء القسري ، فيما لاتزال قوات الدعم السريع تعتقل وتنكل بالشباب والشيوخع.
وقدرت الخسائر الأولية بمئات الملايين من الدولارات بتهدم المباني ونهب السيارات والعبّارات والممتلكات .
عام على إنقطاع الخدمات
ويعاني السكان حالياً من نقص الغذاء والمواد التموينية وإنقطاع الكهرباء والمياه منذ 7 أغسطس من العام الماضي، فضلاً عن توقف المراكز العلاجية والتي حولتها قوات الدعم السريع مركزا لعلاج جرحاها .
وللتغلب على الحصار الإقتصادي أعد سكان الجزيرة ولجان المساجد سلالاً غذائية و(تكايا) بمساعدة أبناء المنطقة المنتشرين حول بلدان العالم في ملحمة من ملاحم المقاومة الشعبية والتكافل الإجتماعي .
وتقول المنتجة التلفزيونية رشا إبراهيم، إحدى سكان المنطقة إن توتي تعيش وضعا مأساوياً مع نقص المياه من الآبار مع صعوبة جلبها من النيل وتحكم مليشيا الدعم السريع في كل شئ يمكن أن يُباع أو يُشترى بما ذلك السماح بالحركة داخل الجزيرة .