الاسم العجيب: (اتحاد الصحفيين والإعلاميين) أيوب صديق
الاسم العجيب:
(اتحاد الصحفيين والإعلاميين)
أيوب صديق
قرأتُ قُبيل أيام خبرًا غريبًا يتحدث عن تشكيل اتحاد لـ(الصحفيين والإعلاميين) عندنا في السودان. ووجه الغرابة هنا أنهم فرقوا بين الصحفيين والإعلاميين، مع أن مهنتهم واحدة.
والصحافة هي اسمٌ جامع لكيان، يشمل كلَ شخصٍ يعمل في فن نَشرِ المعلومات للناس بمختلف وسائل النشر. فكلمةُ صحفي مشتقة من صحيفة كما هو معلوم، وجمعها صحافة. وهذا الجمع (صحافة) أصبح اسماً يشملُ كلَ فنِ وسائلِ نشرِ المعلومات. فذلك يشمل الصحافة الورقية التي أصبح شقٌ منها إكتراونيا، ووكالاتِ الأنباء بمختلف وسائل نشرها، وما يُسمى الصحافةَ المذاعةَ وذلك ما يبث بالراديو ولتلفزيون. وجميع هذه الأجهزة تؤدي مهمة واحدة هي نشرُ المعلومات للناس وإبراز وجهات نظر كل في مجاله. فهذه هي أجهزة صحافة والعاملون فيها هم صحفيون.
وهكذا يُعتبرون ذلك في بلاد الغرب، التي ارتاد أهلها هذا المجال قبلنا بزمن بعيد. وفي قضية شهيرة ضد أحد أبرز مذيعي تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية
BBC Television)) فبعد مثوله أمام المحكمة، وإصدارها عليه حكما مخففا، تردد كثيرا في الإخبار بأن هذه القضية وضعت حدًا لمهنته الصحفية. ولم تُذكر له مهنةٌ غير مهنة الصحافة التي كان يمتهنها من خلال عمله مذيعًا تلفزيونيا.
ولذا فالاتحاد العام للصحفيين في بريطانيا، الذي يُطلق عليه اختصارًا NUJ وذلك اختصارٌ لاسمه National
Union of Journalists
فهو اتحادٌ يشمل العاملين في الراديو بمختلف محطاته، والتلفزيون بمختلف قنواته ووكالات الانباء والصحف بمختلف وسائلها ورقية أو إلكترونية، فكلهم صحفيون.
وأنا إبان عَملي في الإذاعة البريطانية كنتُ عضوًا في هذا الاتحادـ وكذلك عددٌ من زملائي الإذاعيين في القسم العربي وفي الأقسام الأخرى من الإذاعة. وكذلك العاملون في تلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية وغيره من القنوات التلفزيونية البريطانية الأخرى، كلهم يُعتبرون صحفيين ويضمهم هذا الاتحاد العام للصحفيين.
وإن أراد الناس تفصيلاً للجهات الصحفية المنضوية تحت مظلة ذلك الاتحاد، فيقولون مثلا عن الصحافة الورقية الصحافة المطبوعة (print journalism)، أو الصحافة أو الإلكترونية (online journalism) أو الصحافة الإذاعية (broadcasting journalism). فكلها صحافة وكلهم صحفيون، وليس عند القوم شيءٌ اسمه اتحادُ الإعلاميين، كما ليس عندهم تفريق بين صحفيين وإعلاميين كما هو عندنا في السودان، كما ظهر هذا الاسم العجيب لهذا الاتحاد الجديد.
والناس يجدون المراسلين في ميدان المعارك، يوضحون بحروف بارزة كلماتٍ تميزهم عن العسكريين المقاتلين، فتظهر على صدورهم وظهورهم كلمة صحافة (PRESS) ولا يكتبون كلمة إعلام. وكذلك تُسمى في الولايات المتحدة وفي كندا على سبيل المثال، الهيئاتُ التي ترعى شؤون العاملين في مختلف الأجهزة من راديوهات وتلفزيونات وجرائد ووكالات أنباء، كلها بمختلف أسمائها هي هيئات صحفية.
وأذكر أن أحدَ كُتاب الواتس أب عندنا في السودان كان ينتقد أحدَهم فقال عنه: (إنه إعلامي وليس صحفيا) فاستغربتُ يومها ذلك التفريق بين صاحبي مهنة واحدة هي الصحافة، إلى حين صدر بذلك تفريقٌ، شُكلت وفقه هيئة سُميت بهذا الاسم العجيب(اتحاد الصحفيين والإعلاميين).