توثيق جديد لنطاق واسع من العنف الجنسي وإنتهاكات أخرى لحقوق الإنسان في السودان .

Spread the love

 

 

أصدرت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان أمس الثلاثاء تقريراً جديداً عن الإنتهاكات واسعة النطاق التي حدثت في السودان .

وعلى الرغم من أن البعثة حاولت أن تحمّل الجيش السوداني جانباً من ذلك ، إلا أنه من الواضح أن التقرير الذي أتى هذه المرة مطولاً ، أخذ في الإعتبار الإنتقادات القوية التي وجهت للتقرير السابق والذي تم تقديمه لمجلس حقوق الإنسان في دورته 57 في سبتمبر الماضي .

وفيما يلي أبرز ما جاء في التلخيص الذي نشره مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان :

(جنيف – إن قوات الدعم السريع في السودان ، في خضمّ معاركها مع القوات المسلحة السودانية منذ إندلاع النزاع الجاري ، مسؤولة عن ارتكاب عنف جنسي على نطاق واسع أثناء تقدّمها في المناطق التي تسيطر عليها بما في ذلك الإغتصاب الجماعي وخطف وإحتجاز ضحايا في ظروف ترقى إلى مستوى الإستعباد الجنسي ، وفق ما أعلنت بعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان في تقريرها المُفصّل الصادر اليوم .

التقرير، الذي يزيد ويسهب على ما جاء في تقرير بعثة تقصي الحقائق الأوّل المقدم لمجلس حقوق الإنسان في سبتمبر الماضي ، يسلط الضوء على ضرورة حماية المدنيين في السودان ويخلص إلى وجود أسباب معقولة للإعتقاد أن هذه الأفعال ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بما في ذلك التعذيب ؛ والإغتصاب ؛ والاستعباد الجنسي ؛ والإضطهاد على أسس إثنية وجنسانية متقاطعة في سياق الأفعال المذكورة أعلاه.

ورغم أن التقرير وثق كذلك حالات نُسِبت إلى القوات المسلحة السودانية والمجموعات المتحالفة معها ، مبيناً انها تتطلب مزيدًا من التحقيق لتحديد نطاقها وأنماطها ، إلا انه وجد أن معظم حالات الاغتصاب والعنف الجنسي والجنساني ارتكبتها قوات الدعم السريع ، بالتحديد في ولايات الخرطوم الكبرى ودارفور والجزيرة ، كجزء من نمط يهدف إلى إرهاب ومعاقبة مدنيين بسبب صلاتهم المفترضة مع الطرف الآخر، وإلى قمع أي معارضة لتقدّمها .

قال محمد شاندي عثمان ، رئيس بعثة تقصي الحقائق : “لقد أذهلنا النطاق المهول للعنف الجنسي الذي نقوم بتوثيقه في السودان. إن وضع المدنييّن الأكثر حاجة ، ولا سيما النساء والفتيات من جميع الأعمار ، يبعث على القلق الشديد ويتطلّب معالجة عاجلة.”

وكان العنف الجنسي ضد النساء بما في ذلك الإغتصاب والإغتصاب الجماعي والإستغلال الجنسي والإختطاف لأغراض جنسية بالإضافة إلى مزاعم الزواج القسري والاتجار بالبشر عبر الحدود لأغراض الجنس، حدث في الغالب في سياق غزو المدن والبلدات والهجمات على مواقع النزوح أو ضد مدنيّين فرّوا من المناطق المتأثرة بالنزاع وأثناء الاحتلال المطول للمناطق الحضرية.

وفي دارفور ، ارتُكبت أعمال العنف الجنسي بقسوة ملحوظة عبر إستخدام الأسلحة النارية والسكاكين والسياط لترهيب أو إكراه الضحايا ، مع إهانتهم بازدراء أو عنصرية أو تحيّز جنسي، والتهديد بقتلهم كما استُهدف العديد من الضحايا على أسس جنسانية ولإنتمائهم الإثني الفعلي أو المُفترض حتى تعرضوا في آن للضرب ، أحيانا باستخدام العصي ، أو للجَلد . كانت أفعال العنف هذه تتم غالبا أمام أفراد العائلة الذين كانوا هم بدورهم تحت التهديد .

كما وصل إلى البعثة معلومات تستدعي مزيدا من التحقيق أن رجال وفتيان استُهدفوا أثناء الإحتجاز وتعرّضوا لأعمال عنف جنسي تضمّنت الإغتصاب والتهديد بالإغتصاب والتعري القسري وضرب الأعضاء التناسلية .

وخلصت البعثة إلى وجود أسباب معقولة للأعتقاد بأن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها إرتكبت الإغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي التي ترقى إلى إنتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان .

وشملت تلك الأفعال ، استعمال العنف ضد الحياة والسلامة البدنية ، ولا سيما التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية المهينة ، والإساءة إلى الكرامة الشخصية ، بالتحديد المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة والإغتصاب وأي شكل من أشكال الإعتداء المشين .

إن إختطاف النساء والفتيات ، وحبسهن واحتجازهن لأغراض جنسية بما في ذلك الإغتصاب والإستغلال الجنسي ، أوجد ظروفًا مكّنت فيها قوات الدعم السريع من ممارسة سلطة التملّك على الضحايا المسلوبة حرياتهن أصلا ، وهذه أعمال ترقى إلى الإسترقاق الجنسي المحظور .

قالت جوي نجوزي إيزيلو ، الخبيرة عضو البعثة : “إن النساء والفتيات والفتيان والرجال في السودان الذين يتعرضون بشكل متزايد للعنف الجنسي والجنساني بحاجة إلى الحماية ، وبدون المساءلة ، ستستمر دوامة الكراهية والعنف ، يجب علينا وقف الإفلات من العقاب ومحاسبة الجناة ” .

يوفر تقرير بعثة تقصي الحقائق كذلك وصفا أكثر تفصيلاً للعديد من الإنتهاكات الأخرى للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان وجرائم ذات الصلة ، مشيراً إلى أن هذه الإنتهاكات تتزايد يوماً بعد يوم . إن ربع الشعب السوداني قد نزح داخلياً أو لجأ إلى البلدان المجاورة وأضحى الغالبية العظمى منه من الفئات الضعيفة المعرضّة لإنتهاكات وتجاوزات جسيمة بما في ذلك العنف الجنسي يفاقم واقع تأثير هذه الجرائم أنه ليس أمام ضحايا الإغتصاب وأشكال العنف الجنسي الأخرى سوى أماكن قليلة جدا يلجأون إليها للحصول على الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي وذلك لأن العديد من المرافق الطبية قد دُمرت أو نُهبت أو احتُلت من قبل الأطراف المتحاربة .

كذلك يعاني ضحايا العنف الجنسي وأفراد عائلاتهم بشدّة من الوصمات الإجتماعية ولوم الضحية والشعور بالعار .

قالت منى رشماوي ، الخبيرة عضو البعثة : “يجب ان تقع مسؤولية وعار هذه الأعمال المشينة على عاتق الجناة دون سواهم سيواصل مرتكبو هذه الجرائم تمزيق السودان والتسبب بالإرهاب والخراب ما لم يتم توسيع إختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل جميع أنحاء السودان وإنشاء آلية قضائية مستقلة تعمل بالترادف والتكامل مع المحكمة الجنائية الدولية .

أضافت الأستاذة رشماوي : “وتوضّح هذه الظروف أيضا بجلاء أن الضحايا يحتاجون إلى الدعم العاجل ، بما في ذلك المساعدة الطبية والقانونية ، وهي أمور تكاد تكون غائبة تماما في السودان وينبغي على الفور إنشاء مكتب مكرّس لدعم الضحايا وجبر الضرر في سبيل مساعدتهم .”

وعليه ، فإن إستمرار إرتفاع مستويات العنف ضد المدنيين في السودان يبيّن ضرورة توفير الحماية العاجلة للمدنيين).